ما تميزت به هذه الشريعة الإسلامية المباركة، والتي ما تركت خيراً إلا بينته للناس، ولا شراً إلا حذرتهم منه، ولا نزاعاً على أمر إلا وفصلت الحق فيه وأظهرته وبينت المحق من المبطل.
أن الفقه الإسلامي ثروة عظيمة، ومعين لا ينضب استمد منه الفقهاء هذه الأحكام الخالدة، وفي قواعده وأصوله باب مفتوح لكل جديد في هذه الحياة، وسيظل هذا الباب مفتوحاً لكل مجتهد إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
أن للإنكار أربعة أركان: المنكر، والمنكر عليه، والمنكر به، والصيغة.
أن الإنكار له ضوابط ينبغي مراعاتها حتى يمكن قبوله شرعاً، ومنها: أنه لا عبرة بالإنكار بالنسبة للمدعى عليه مع وجود بينة المدعي، وألا يكون الإنكار قد سبق بإقرار، وأن يكون صادراً ممن يصح منه الإنكار، وأن يكون الإنكار صادراً من المدعى عليه أو وكيله، وأن يكون صريحاً وبصيغة الجزم، وأن تسبقه دعوى صحيحة، وأن يكون بعد سؤال المدعى عليه وطلب الجواب منه.
الإنكار قسمان: حقيق، وحكمي.
الحقيقي: أن ينكر المدعى عليه استحقاق المدعي لما يدعيه، بوسيلة من وسائل الإنكار.
والحكمي: ألا يصدر من المدعى عليه إنكار صريح، لكن يبدر منه ما يدل على الإنكار، وذلك كالإشارة المفهومة من الأخرس أو الكتابة الواضحة فإنها كالنطق، ومن ذلك سكوت الناطق عن الجواب مع قدرته عليه، فيحكم للمدعي بينته إن كان له بينة، وإن لم يكن له بينة عومل الساكت معاملة المنكر الناكل، ومثله من يقول: لا أقر ولا أنكر.
وهذا كله إن كانت الدعوى مما يقضى فيها بالنكول، فإن كانت الدعوى مما لا يقضى فيها بالنكول كالقتل والحد، وسكت المدعى عليه، فلم يجب بإقرار ولا إنكار، أو قال: لا أقر ولا أنكر، ولم يكن للمدعي بينة، فإن المدعى عليه يحبس حتى يقر أو ينكر.
أن الإنكار ينقسم أيضاً إلى إنكار كلي وجزئي.
فالكلي: أن ينكر المدعى عليه كل المدعى به، والجزئي: أن ينكر المدعي عليه جزءاً من المدعى به، ويقر ببقيته.
أن الإنكار باعتبار محله ينقسم إلى إنكار في حقوق الله، وإنكار في حقوق الآدميين، وإنكار في دعوى مشتملة على حق الله وحق الآدمي.
أن الإنكار في حقوق الله –تعالى- غير المالية كالحدود والصلاة، ونحو ذلك لا يستحلف فيها المنكر، ومثلها على الصحيح الإنكار في حقوق الله المالية كالزكاة والكفارات.
أن من أنكر شيئاً من حقوق الآدميين وللمدعي بينة أخذ بها، وغن لم يكن له بينة وكان الحق مالاً أو المقصود منه المال، واليد يد ضمان استحلف المنكر بالاتفاق، وإن كانت يده يد أمانة استحلف على الصحيح.
وكذلك يستحلف المنكر على الصحيح في حقوق الآدميين إذا لم يكن الحق مالاً ولا المقصود منه المال، وهو كل ما لا يثبت إلا بشاهدين كالقصاص وحد القذف، وأما الإنكار في الدعوى المشتملة على حق الله –تعالى- وحق الآدمي، فإن المنكر فيها يستحلف في حق الآدمي دون حق الله –تعالى-.
أن البينة في الاصطلاح هي كل ما يبين الحق ويظهره، وإذا أنكر المدعى عليه الدعوى فللمدعي أن يقول: لي بينة، وللحاكم أن يقول للمدعي: ألك بينة؟
أن المدعي إذا أحضر بينة عادلة حكم القاضي بها بعد الإعذار إلى المدعى عليه، والحكم بالبينة مقدم على يمين المدعى عليه، وليس للحاكم أن يحكم بالبينة إلا بطلب المدعي، وإذا أقام المدعي بينة كاملة لم يحلف معها على الصحيح.
أن اليمين في الاصطلاح هي: تأكيد دعوى الحق أو نفيها بذكر معظم على وجه مخصوص، في مجلس القضاء، واليمين في الدعوى مشروعة في الكتاب والسنة والإجماع، ولها فوائد كثيرة.
أنه يشترط لوجوب اليمين على المنكر شروط منها: أن تكون اليمين مسيوقة بدعوى صحيحة، وأن يكون استحلاف المنكر بعد طلب المدعي من القاضي استحلافه، وأن يكون الحلف بحضور الخصم، وأن يكون موجه اليمين إلى الحالف هو القاضي، وأن يكون الشيء المدعى به مما يجري فيه الاستحلاف، وأن تكون اليمين صادرة من المدعى عليه نفسه، ويضاف إلى ذلك كون الحالف مكلفاً، وأن يكون الشيء المدعى به مما يحتمل الإقرار به شرعاً من المدعى عليه.
وإن كان للمدعي بينة حاضرة وأسقط حكم بينته فله استحلاف المنكر، وإن لم يرد إسقاط حكمها فليس له استحلافه، وللمدعي استحلاف المنكر بنفس الدعوى، ولا تشترط الخلطة، وما لم تدل قرائن الأحوال على كذب المدعي في دعواه.
أن من ادعى عيناً في يد آخر وأنكر دعواه، ولم يكن لواحد منهما بينة فالقول قول من العين في يده مع يمينه، وإن كان لأحدهما بينة حكم بالعين له، وإن كان لكل منهما بينة قدمت على الأرجح بينة الداخل وهو المدعى عليه المنكر، وإذا ادعى اثنان عيناً في أيديهما ولم يكن لهما بينة حلفا على دعواهما على الصحيح وقُضي بالعين بينهما، وإن كان لأحدهما بينة قضي بها له، وإن كان لكل منهما بينة قضي بالعين بينهما على القول الراجح.
أن المتبايعين إذا ادعى أحدهما ثمناً أو جنساً أو صفة، وأنكر الآخر والسلعة قائمة فالقول قول البائع على الأرجح، فإن رضيه المشتري وإلا ترادا البيع، وإن كان الإنكار في قدر الثمن والسلعة تالفة تحالفا على الصحيح.
أن المتبايعين إذا ادعى أحدهما قدراً وأنكره الآخر والمبيع قائم، فالقول قول البائع أو يتزادان البيع على الأرجح، ما لم يكن قول أحدهما أشبه وأقوى، بدلالة القرينة فإنه يقدم قوله، وإن كان الإنكار في قدر المبيع بعد تلفه، فالقول قول من يشبه قوله على الصحيح مع يمينه وإلا تحالفا.
أن المشتري إذا أنكر قبض المبيع أو بعضه، أو أنكر البائع قبض الثمن أو بعضه، فالقول قول المنكر مع يمينه ما لم تدل قرينة على صدق المدعي أو يكون هناك عرف مطرد بقبض الثمن أو المثمن قبل المفارقة، فيكون القول لمن وافقه ذلك، وإذا أنكر أحد المتعاقدين الإقالة فالقول قول المنكر مع يمينه.
أن القول قول منكر القرض، ومن دفع مالاً إلى آخر بلفظ التمليك ولم يذكر البدل ولا وجود ما يدل عليه، فأنكر المدفوع إليه كونه قرضاً فالقول قوله، وإذا كان الدفع بغير لفظ التمليك وأنكر الدافع كونه هبة فحكمه كالإنكار في جنس العقد، وإذا أنكر المقرض رد بدل القرض فالقول قوله.
أن الإنكار إذا وقع في قبض العين المرهونة وكانت العين في يد الراهن فالقول قوله، وإن كانت في يد المرتهن فالقول قوله، وإذا وقع الإنكار في جنس الرهن فالقول قول الراهن مع يمينه على الصحيح، وإذا كان الإنكار في قدر الرهن فإنهما يتحالفان إذا كان الرهن مشروطاً، وإنك كان غير مشروط فالقول قول الراهن، وإذا كان الإنكار في قدر الدين، فالقول قول المرتهن على الصحيح ما لم يدع أكثر من قيمة الرهن، فإن ادعى أكثر من ذلك فالقول قول الراهن، وإذا كان الإنكار في قدر الدين فالقول قول المرتهن على الصحيح ما لم يدع أكثر من قيمة الرهن، فإن ادعى أكثر من ذلك فالقول قول الراهن، وإذا أنكر الراهن رد العين المرهونة، فالقول قوله على الأرجح، وإذا أنكر الراهن رد العين المرهونة فالقول قوله على الأرجح، وإذا أنكر الراهن تلف العين المرهونة فالقول قوله على الأرجح، وإذا أنكر الراهن تلف العين المرهونة فالقول قول المرتهن في التلف على الصحيح، وإذا ادعى العدل دفع ثمن العين المرهونة إلى المرتهن بعد بيعها وأنكر المرتهن ذلك فالقول قوله مع يمينه على الصحيح.
أن من أنكر دعوى الضمان والكفالة فالقول قوله مع يمينه، وإذا ادعى الضامن أن ضمانه كان قبل بلوغه، وسنة محتملة وأنكر المضمون له فالقول قول الضامن أن ضمانه كان قبل بلوغه، وسنه محتملة وأنكر المضمون له فالقول قول الضامن على القول الراجح، وإذا أنكر الضامن ضمان المال وادعى ضمان الوجه واللفظ محتمل لذلك فالقول قوله ما لم تدل القرينة على إرادة المال، وإذا أنكر المضمون له القضاء فالقول قوله مع يمينه، وإذا أنكر المكفول له براءة المكفول به من الدين أو دعوى أنه لم يكن عليه دين حين الكفالة فالقول قوله.
أن صاحب الدين إذا أنكر دعوى المدين أن الدائن قد أحال عليه فلاناً الغائب فالقول قول صاحب الدين، ومن ادعى أن فلاناً الغائب أحاله على فلان وأنكر المحال عليه فالقول قوله، وإذا وقع الإنكار في حقيقة العقد فادعى أحد المتعاقدين الحوالة بلفظها وأنكر الآخر وادعى أن العقد كان وكالة بلفظها، فالقول قول مدعي الوكالة في الأظهر، وإذا اتفقا على لفظ الحوالة واختلفا في المراد بها فإن كان اللفظ الصادر من المحيل ما لا يحتمل إلا الحوالة فالقول قول مدعي الحوالة، وإن كان اللفظ مما يحتمل الحوالة وغيرها فيقدم قول دعي الحوالة على القول الراجح.
أن من ادعى على آخر عيناً أو ديناً وأنكر المدعى عليه ثم صالح المدعي على ما ادعا فالصلح صحيح على الأرجح.
أن الدائن إذا أنكر إفلاس المدين وعرف للمدين مال سابق الغالب بقاءه، فالقول قوله مع يمينه، وإذا لم يعرف للمدين مال سابق الغالب بقاؤه، فالقول قول المدين على الصحيح.
أن المحجور عليه إذا ادعى على الولي ما يوجب الضمان فيما يتعلق بالنفقة وكان الولي هو الأب أو الجد فالقول قوله ما لم تدل القرينة على صدق قول المدعي، وإن كان الولي غير الأب والجد وأنكر المحجور عليه دعواه في النفقة مما يخالف الظاهر أو العرف فالقول قول الصبي مع يمينه، وإن ادعى الولي النفقة بالمعروف وبما لا يخالف الظاهر أو العرف فالقول قول الولي على الصحيح، وإذا أنكر الولي التفريط في حفظ المال وكان الولي هو الأب أو الجد فالقول قوله ما لم تدل القرنية على التفريط، وإن كان الولي غير الأب والجد فالقول قوله في عدم التفريط على القول الراجح، وإذا أنكر المحجور عليه دفع المال إليه بعد رشده والولي متبرع أو يجعل فالقول قول منكر الرد على الصحيح ما لم تدل القرينة على الرد.
أن القول قول منكر الوكالة، وإذا وقع الإنكار في صفة الوكالة فالقول قول الموكل على الأرجح ما لم تدل القرينة على تقديم قول الوكيل، وإذا كان الإنكار في التصرف فالقول قول الوكيل على الأرجح، وإذا أنكر الموكل هلاك المال، ودعوى الهلاك بأمر غير ظاهر فالقول قول الوكيل.
وإن كانت دعوى الهلاك بأمر ظاهر فالقول قول الموكل، وإذا أنكر الوكيل التعدي أو التفريط في حفظ المال فالقول قوله بيمينه، وإذا أنكر الموكل رد المال إليه والوكيل متطوع فالقول قول الوكيل بيمينه على الصحيح، وإن كان الوكيل يجعل فالأظهر ترك الأمر للقاضي لينظر في كل حال بعينها حسب قرائن الأحوال.
أن من أنكر المضاربة فالقول قوله، ومن أنكر كون المال المدفوع مضاربة وقد ربح المال فالقول قول رب المال في أن المال كان مضاربة مع يمينه على الصحيح، ما لم تدل القرينة على صدق قول العامل أن المال قرض، وإذا أنكر رب المال كون المال مضاربة وادعى أنه قرض وقد خسر المال فالقول قوله على الصحيح ما لم تدل القرينة على خلاف ذلك.
أن من أنكر العارية فالقول قوله، وإذا وقع الإنكار في صفة العقد بعد العقد مباشرة فالقول قول القابض مع يمينه، وإن كان الإنكار بعد مضي مدة لمثلها أجرة فالقول قول المالك على الأرجح مع يمينه، وإن كان الإنكار في صفة الإذن فالقول قول المستعير إذا أتى بما يشبه على الأرجح، وإذا أنكر المعير تلف العارية ضمنها المستعير على الأصح، وإذا أنكر المعير رد العارية فالقول قوله على الأرجح مع يمينه.
أن من أنكر الغصب قدم قوله على يمينه، وإذا كان الإنكار في قدر المغصوب فالقول قول الغاصب مع يمينه، وإن أنكر المالك وجود العيب في العين المغصوبة فالقول قول الغاصب مع يمينه، وإن أنكر المالك وجود العيب في العين المغصوبة والعيب مما يمكن حدوثه فالقول قول الغاصب على الأصح إن شهدت له الحال، وإلا فالقول قول المالك، وإن أنكر المالك تلف العين المغصوبة فالقول قوله على الأرجح، وإن وقع الإنكار في قيمة المغصوب بعد تلفه فالقول قول الغاصب مع يمينه، وفي رد العين المغصوبة يقدم قول المالك في عدم الرد مع يمينه.
أن الشفيع إذا أنكر العفو عن الشفعة فالقول قوله مع يمينه، وإذا أقر البائع بالبيع، وأنكر المشتري فليس للشفيع الأخذ بالشفعة على الأرجح، وإن أنكر أحد الشريكين أنه ابتاع نصيبه بل ورثه أو وهب له فالقول قوله مع يمينه، وإن كان الإنكار في ثمن الشقص أو في قيمة الثمن إن كان عرضاً فالقول قول المشتري مع يمينه ما لم يدع المشتري ثمناً يكذبه الحس.
أن من أنكر الوديعة فالقول قوله مع يمينه، وإذا أنكر المالك رد الوديعة فالقول قوله على الأصح مع يمينه، وإن أنكر المالك الإذن بدفع الوديعة إلى غير المودَع وقد تلفت أو ضاعت فالقول قول المالك على الأرجح مع يمينه، إلا أن تشهد القرينة على صدق قول المودع، وإذا أنكر المالك تلف الوديعة وذكر المودع سبباً خفياً لتلفها، وقد تلفت مع ماله فالقول قول المودَع، وإن ذكر سبباً ظاهراً للتلف فالقول قول المالك.
أن المالك إذا أنكر أصل اشتراط الجعل فالقول قوله مع يمينه، وإن كان الإنكار في قدر الجعل أو جنسه أو صفته فالقول على الأرجح قول الجاعل مع يمينه ما لم توجد قرينة فيعمل بها.
أن الموهوب له إذا أنكر شرط العوض فالقول قوله مع يمينه، إلا أن يؤيد الواهب عادة مطردة في اشتراط العوض فيقدم قوله.
أن من أنكر أصل النكاح فالقول قوله، وإن كان الإنكار في شرط من شروط النكاح كالإذن وكان الإنكار قبل الدخول فالقول قول المرأة، وإن كان بعد الدخول فالقول قول الزوج في الأظهر إلا أن تدل القرينة على عدم رضاها فيقدم قولها.
أن الزوجين إذا أنكر أحدهما وجود العيب فيه وكان العيب مما يخفى فالقول قوله مع يمينه، ويمكن في العصر الحاضر التثبت من وجود العيب عبر الوسائل الطبية الحديثة، وإن كان الإنكار في العلم بالعيب فالقول قول منكر العلم على الأرجح مع يمينه، وإن أنكرت زوجة العنين الوصول إليها في فترة التأجيل وكانت بكراً وبقيت بكارتها فالقول قولها.
أن الإنكار إذا كان في تسمية الصداق فالقول على الأصح قول من يشهد له العرف في التسمية وعدمها مع يمينه، وإن لم يكن هناك عرف يمكن الرجوع إليه فيتحالفان ثم يرجع إلى مهر المثل، وإن كان الإنكار في قدر الصداق أو عينه أو جنسه أو صفته فالقول قول من يدعي مهر المثل، وإن كان الإنكار فيما يستقر به الصداق كالدخول فالقول قول الزوج في عدم الدخول على الأرجح، ما لم تدل القرينة على صدق ما تدعيه الزوجة فيقدم قولها، وإذا أنكرت الزوجة قبض الصداق وكان ذلك قبل الدخول فالقول قولها بيمينها، وإن كان بعد الدخول فالقول قول الزوج إن وجد عرف مطرد بتقديم الصداق قبل الدخول فالقول قول الزوج إن وجد عرف مطرد بتقديم الصداق قبل الدخول وإلا فالقول قول الزوجة.
أن الزوجة إذا أنكرت مخالعة زوجها لها فالقول قولها في نفي العوض وبانت منه، وإن كان الزوج هو المنكر للخلع فالقول قوله مع يمينه ولا يستحق عليها عوضاً، وإن اتفق الزوجان على الخلع واختلفا في العوض قدراً أو جنساً أو صفة فالقول على الأظهر قول الزوجة.
أن الزوج إذا أنكر وقوع الطلاق فالقول قوله، وإن كان الإنكار في عدده فالقول قول الزوج، وإن أنكر الزوج جعله الخيار من في الطلاق بيد زوجته فالقول قوله، وكذا القول قوله إن أنكر اختيارها لنفسها في وقت الاختيار الذي جعله بيدها.
أن الزوجة إذا طلقها زوجها ثم أنكرت إصابته لها بعد الدخول وأنه لا يستحق الرجعة عليها فالقول قولها على الأرجح، وإذا أنكرت المرأة وهي في العدة مراجعة الزوج لها فالقول قول الزوج على الأصح، وإن كان إنكارها في وقت حكم بانقضاء عدتها فيه فالقول قولها، وإن كان الإنكار في وقت محتمل لهما، فإن سبقته بدعوى انقضاء عدتها قبل دعواه الرجعة فالقول قول المرأة في انقضاء عدتها قبل رجعته، وإن سبقها بدعوى الرجعة قبل دعواها انقضاء عدتها فالقول قول المرأة على الأرجح، وإن أنكر الزوج دعوى المرأة انقضاء عدتها فالقول قول المرأة على الأرجح، وإن أنكر الزوج دعوى المرأة انقضاء عدتها وكان ذلك في زمن يمكن انقضاء العدة فيه فالقول قولها، وإن كان ذلك في زمن لا يمكن انقضاء العدة فيه فالقول قول الزوج، وإذا أنكر الزوج الثاني دعوى المطلقة ثلاثاً أنه أصابها وقد حلت للأول فالقول قول المرأة إلا أن يكون المنكر معروفاً بالصدق والصلاح فيقدم قوله.
أن الزوج إذا أنكر أنه آلى من زوجته فالقول قوله، وإذا ثبت الإيلاء ثم أنكرت الزوجة الوطء في فترة التأجيل وكان الإنكار قبل انتهاء المدة فالقول قول الزوج، وإن كان الإنكار بعد انتهاء المدة فإن كانت الزوجة بكراً وبقيت كذلك فالقول قولها، وإن كانت ثيباً فالقول قول الزوج، وإن كان الإنكار في وقت اليمين فالقول قول الزوج.
أن الزوج إذا أنكر قذف زوجته فالقول قوله، وإذا أنكرت المرأة دعوى الزوج أنها زنت فله أن يلاعنها، وإن امتنع أحدهما من الملاعنة أقيم عليه الحد.
أن الزوجة إذا أنكرت دعوى الزوج أنه أخوها من الرضاعة فالقول قوله وينفسخ النكاح سواء كان قبل الدخول أم بعده، فإن كان لك قبل الدخول فلها نصف المهر، وإن كان بعد الدخول لها المهر كاملاً ما لم تطاوعه عالمة بالتحريم فلا شيء لها، وإن كانت دعوى الرضاع من الزوجة والزوج منكر فإن كان الزواج برضاها فلا يقبل قولها في فسخ النكاح سواء كان ذلك قبل الدخول أو بعده، وإن كان الزواج بغير رضاها فالقول قول الزوج على الصحيح.
أن الزوج إذا أنكر كونه موسراً، وعرف له مال فالقول قول المرأة في دعوى يساره، فتلزمه نفقة الموسرين، وإن لم يعرف له مال قبل ذلك فالقول قوله، وإذا أنكر الزوج حصول التمكين من المرأة الموجب للنفقة أو كان الإنكار في وقت حصول التمكين فالقول قوله مع يمينه، وإذا أنكرت المرأة دعوى نشوزها فالقول قولها على الأصح، وإن كان الإنكار في وصول النفقة إلى الزوجة فالقول قول الزوج على الأصح مع يمينه، ما لم يكن الزوج معروفاً بالشح والبخل، أو شهد جيرانها على حاجتها في المدة الماضية فيقدم قول المرأة.
أن مجهول النسب إذا كان صغيراً أو مجنوناً وأنكر دعوى مكلف بنسبه وهو يحتمل أن يولد لمثل المقر ولم ينازعه منازع ثبت نسبه منه، وإن كان المقر به كبيراً عاقلاً وأنكر دعوى النسب لم يثبت على الصحيح، وإذا أقر مكلف بنسب آخر أنه والده، وأنكر ذلك المقر له فلا يثبت نسبه إليه، وإذا ثبت النسب بإقرار شخص ثم أنكره بعد ذلك لم يقبل رجوعه ولا يحتمل النسب النقض بعد ثبوته.
أن من أنكر وقوع الجناية منه فالقول قوله مع يمينه، وإن كان الإنكار في العفو عن الجناية فالقول قول منكر العفو، وإن أنكر الجاني دعوى المجني عليه، وإن كان الإنكار في نقص منفعة من المنافع بسبب الجناية فالقول قول المجني عليه مع يمينه، وإذا أقر شخص بجناية مما يوجب الدية وأنكرته العاقلة فالدية من ماله دون العاقلة، ولا تثبت القسامة في دعوى القتل إلا إذا أنكر المدعى عليه. أن من أنكر الزنى فلا حد عليه وإن أقر الشريك في الوطء، وإذا أنكرت الزانية المتزوجة وطء زوجها لها فلا تكون محصنة على الصحيح فيقام عليها حد الجلد دون الرجم، ويستحب للقاضي الذي يثبت عنده الحد بالإقرار التعريض للمقر بالرجوع إذا تم الإقرار أو التعريض له بالتوقف عن الإقرار إذا لم يتم الإقرار ما لم يكن المقر معروفاً بالفساد وتكرار الجريمة، فالأولى عقوبته وتطهير المجتمع منه.
أن الفقه الإسلامي ثروة عظيمة، ومعين لا ينضب استمد منه الفقهاء هذه الأحكام الخالدة، وفي قواعده وأصوله باب مفتوح لكل جديد في هذه الحياة، وسيظل هذا الباب مفتوحاً لكل مجتهد إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
أن للإنكار أربعة أركان: المنكر، والمنكر عليه، والمنكر به، والصيغة.
أن الإنكار له ضوابط ينبغي مراعاتها حتى يمكن قبوله شرعاً، ومنها: أنه لا عبرة بالإنكار بالنسبة للمدعى عليه مع وجود بينة المدعي، وألا يكون الإنكار قد سبق بإقرار، وأن يكون صادراً ممن يصح منه الإنكار، وأن يكون الإنكار صادراً من المدعى عليه أو وكيله، وأن يكون صريحاً وبصيغة الجزم، وأن تسبقه دعوى صحيحة، وأن يكون بعد سؤال المدعى عليه وطلب الجواب منه.
الإنكار قسمان: حقيق، وحكمي.
الحقيقي: أن ينكر المدعى عليه استحقاق المدعي لما يدعيه، بوسيلة من وسائل الإنكار.
والحكمي: ألا يصدر من المدعى عليه إنكار صريح، لكن يبدر منه ما يدل على الإنكار، وذلك كالإشارة المفهومة من الأخرس أو الكتابة الواضحة فإنها كالنطق، ومن ذلك سكوت الناطق عن الجواب مع قدرته عليه، فيحكم للمدعي بينته إن كان له بينة، وإن لم يكن له بينة عومل الساكت معاملة المنكر الناكل، ومثله من يقول: لا أقر ولا أنكر.
وهذا كله إن كانت الدعوى مما يقضى فيها بالنكول، فإن كانت الدعوى مما لا يقضى فيها بالنكول كالقتل والحد، وسكت المدعى عليه، فلم يجب بإقرار ولا إنكار، أو قال: لا أقر ولا أنكر، ولم يكن للمدعي بينة، فإن المدعى عليه يحبس حتى يقر أو ينكر.
أن الإنكار ينقسم أيضاً إلى إنكار كلي وجزئي.
فالكلي: أن ينكر المدعى عليه كل المدعى به، والجزئي: أن ينكر المدعي عليه جزءاً من المدعى به، ويقر ببقيته.
أن الإنكار باعتبار محله ينقسم إلى إنكار في حقوق الله، وإنكار في حقوق الآدميين، وإنكار في دعوى مشتملة على حق الله وحق الآدمي.
أن الإنكار في حقوق الله –تعالى- غير المالية كالحدود والصلاة، ونحو ذلك لا يستحلف فيها المنكر، ومثلها على الصحيح الإنكار في حقوق الله المالية كالزكاة والكفارات.
أن من أنكر شيئاً من حقوق الآدميين وللمدعي بينة أخذ بها، وغن لم يكن له بينة وكان الحق مالاً أو المقصود منه المال، واليد يد ضمان استحلف المنكر بالاتفاق، وإن كانت يده يد أمانة استحلف على الصحيح.
وكذلك يستحلف المنكر على الصحيح في حقوق الآدميين إذا لم يكن الحق مالاً ولا المقصود منه المال، وهو كل ما لا يثبت إلا بشاهدين كالقصاص وحد القذف، وأما الإنكار في الدعوى المشتملة على حق الله –تعالى- وحق الآدمي، فإن المنكر فيها يستحلف في حق الآدمي دون حق الله –تعالى-.
أن البينة في الاصطلاح هي كل ما يبين الحق ويظهره، وإذا أنكر المدعى عليه الدعوى فللمدعي أن يقول: لي بينة، وللحاكم أن يقول للمدعي: ألك بينة؟
أن المدعي إذا أحضر بينة عادلة حكم القاضي بها بعد الإعذار إلى المدعى عليه، والحكم بالبينة مقدم على يمين المدعى عليه، وليس للحاكم أن يحكم بالبينة إلا بطلب المدعي، وإذا أقام المدعي بينة كاملة لم يحلف معها على الصحيح.
أن اليمين في الاصطلاح هي: تأكيد دعوى الحق أو نفيها بذكر معظم على وجه مخصوص، في مجلس القضاء، واليمين في الدعوى مشروعة في الكتاب والسنة والإجماع، ولها فوائد كثيرة.
أنه يشترط لوجوب اليمين على المنكر شروط منها: أن تكون اليمين مسيوقة بدعوى صحيحة، وأن يكون استحلاف المنكر بعد طلب المدعي من القاضي استحلافه، وأن يكون الحلف بحضور الخصم، وأن يكون موجه اليمين إلى الحالف هو القاضي، وأن يكون الشيء المدعى به مما يجري فيه الاستحلاف، وأن تكون اليمين صادرة من المدعى عليه نفسه، ويضاف إلى ذلك كون الحالف مكلفاً، وأن يكون الشيء المدعى به مما يحتمل الإقرار به شرعاً من المدعى عليه.
وإن كان للمدعي بينة حاضرة وأسقط حكم بينته فله استحلاف المنكر، وإن لم يرد إسقاط حكمها فليس له استحلافه، وللمدعي استحلاف المنكر بنفس الدعوى، ولا تشترط الخلطة، وما لم تدل قرائن الأحوال على كذب المدعي في دعواه.
أن من ادعى عيناً في يد آخر وأنكر دعواه، ولم يكن لواحد منهما بينة فالقول قول من العين في يده مع يمينه، وإن كان لأحدهما بينة حكم بالعين له، وإن كان لكل منهما بينة قدمت على الأرجح بينة الداخل وهو المدعى عليه المنكر، وإذا ادعى اثنان عيناً في أيديهما ولم يكن لهما بينة حلفا على دعواهما على الصحيح وقُضي بالعين بينهما، وإن كان لأحدهما بينة قضي بها له، وإن كان لكل منهما بينة قضي بالعين بينهما على القول الراجح.
أن المتبايعين إذا ادعى أحدهما ثمناً أو جنساً أو صفة، وأنكر الآخر والسلعة قائمة فالقول قول البائع على الأرجح، فإن رضيه المشتري وإلا ترادا البيع، وإن كان الإنكار في قدر الثمن والسلعة تالفة تحالفا على الصحيح.
أن المتبايعين إذا ادعى أحدهما قدراً وأنكره الآخر والمبيع قائم، فالقول قول البائع أو يتزادان البيع على الأرجح، ما لم يكن قول أحدهما أشبه وأقوى، بدلالة القرينة فإنه يقدم قوله، وإن كان الإنكار في قدر المبيع بعد تلفه، فالقول قول من يشبه قوله على الصحيح مع يمينه وإلا تحالفا.
أن المشتري إذا أنكر قبض المبيع أو بعضه، أو أنكر البائع قبض الثمن أو بعضه، فالقول قول المنكر مع يمينه ما لم تدل قرينة على صدق المدعي أو يكون هناك عرف مطرد بقبض الثمن أو المثمن قبل المفارقة، فيكون القول لمن وافقه ذلك، وإذا أنكر أحد المتعاقدين الإقالة فالقول قول المنكر مع يمينه.
أن القول قول منكر القرض، ومن دفع مالاً إلى آخر بلفظ التمليك ولم يذكر البدل ولا وجود ما يدل عليه، فأنكر المدفوع إليه كونه قرضاً فالقول قوله، وإذا كان الدفع بغير لفظ التمليك وأنكر الدافع كونه هبة فحكمه كالإنكار في جنس العقد، وإذا أنكر المقرض رد بدل القرض فالقول قوله.
أن الإنكار إذا وقع في قبض العين المرهونة وكانت العين في يد الراهن فالقول قوله، وإن كانت في يد المرتهن فالقول قوله، وإذا وقع الإنكار في جنس الرهن فالقول قول الراهن مع يمينه على الصحيح، وإذا كان الإنكار في قدر الرهن فإنهما يتحالفان إذا كان الرهن مشروطاً، وإنك كان غير مشروط فالقول قول الراهن، وإذا كان الإنكار في قدر الدين، فالقول قول المرتهن على الصحيح ما لم يدع أكثر من قيمة الرهن، فإن ادعى أكثر من ذلك فالقول قول الراهن، وإذا كان الإنكار في قدر الدين فالقول قول المرتهن على الصحيح ما لم يدع أكثر من قيمة الرهن، فإن ادعى أكثر من ذلك فالقول قول الراهن، وإذا أنكر الراهن رد العين المرهونة، فالقول قوله على الأرجح، وإذا أنكر الراهن رد العين المرهونة فالقول قوله على الأرجح، وإذا أنكر الراهن تلف العين المرهونة فالقول قوله على الأرجح، وإذا أنكر الراهن تلف العين المرهونة فالقول قول المرتهن في التلف على الصحيح، وإذا ادعى العدل دفع ثمن العين المرهونة إلى المرتهن بعد بيعها وأنكر المرتهن ذلك فالقول قوله مع يمينه على الصحيح.
أن من أنكر دعوى الضمان والكفالة فالقول قوله مع يمينه، وإذا ادعى الضامن أن ضمانه كان قبل بلوغه، وسنة محتملة وأنكر المضمون له فالقول قول الضامن أن ضمانه كان قبل بلوغه، وسنه محتملة وأنكر المضمون له فالقول قول الضامن على القول الراجح، وإذا أنكر الضامن ضمان المال وادعى ضمان الوجه واللفظ محتمل لذلك فالقول قوله ما لم تدل القرينة على إرادة المال، وإذا أنكر المضمون له القضاء فالقول قوله مع يمينه، وإذا أنكر المكفول له براءة المكفول به من الدين أو دعوى أنه لم يكن عليه دين حين الكفالة فالقول قوله.
أن صاحب الدين إذا أنكر دعوى المدين أن الدائن قد أحال عليه فلاناً الغائب فالقول قول صاحب الدين، ومن ادعى أن فلاناً الغائب أحاله على فلان وأنكر المحال عليه فالقول قوله، وإذا وقع الإنكار في حقيقة العقد فادعى أحد المتعاقدين الحوالة بلفظها وأنكر الآخر وادعى أن العقد كان وكالة بلفظها، فالقول قول مدعي الوكالة في الأظهر، وإذا اتفقا على لفظ الحوالة واختلفا في المراد بها فإن كان اللفظ الصادر من المحيل ما لا يحتمل إلا الحوالة فالقول قول مدعي الحوالة، وإن كان اللفظ مما يحتمل الحوالة وغيرها فيقدم قول دعي الحوالة على القول الراجح.
أن من ادعى على آخر عيناً أو ديناً وأنكر المدعى عليه ثم صالح المدعي على ما ادعا فالصلح صحيح على الأرجح.
أن الدائن إذا أنكر إفلاس المدين وعرف للمدين مال سابق الغالب بقاءه، فالقول قوله مع يمينه، وإذا لم يعرف للمدين مال سابق الغالب بقاؤه، فالقول قول المدين على الصحيح.
أن المحجور عليه إذا ادعى على الولي ما يوجب الضمان فيما يتعلق بالنفقة وكان الولي هو الأب أو الجد فالقول قوله ما لم تدل القرينة على صدق قول المدعي، وإن كان الولي غير الأب والجد وأنكر المحجور عليه دعواه في النفقة مما يخالف الظاهر أو العرف فالقول قول الصبي مع يمينه، وإن ادعى الولي النفقة بالمعروف وبما لا يخالف الظاهر أو العرف فالقول قول الولي على الصحيح، وإذا أنكر الولي التفريط في حفظ المال وكان الولي هو الأب أو الجد فالقول قوله ما لم تدل القرنية على التفريط، وإن كان الولي غير الأب والجد فالقول قوله في عدم التفريط على القول الراجح، وإذا أنكر المحجور عليه دفع المال إليه بعد رشده والولي متبرع أو يجعل فالقول قول منكر الرد على الصحيح ما لم تدل القرينة على الرد.
أن القول قول منكر الوكالة، وإذا وقع الإنكار في صفة الوكالة فالقول قول الموكل على الأرجح ما لم تدل القرينة على تقديم قول الوكيل، وإذا كان الإنكار في التصرف فالقول قول الوكيل على الأرجح، وإذا أنكر الموكل هلاك المال، ودعوى الهلاك بأمر غير ظاهر فالقول قول الوكيل.
وإن كانت دعوى الهلاك بأمر ظاهر فالقول قول الموكل، وإذا أنكر الوكيل التعدي أو التفريط في حفظ المال فالقول قوله بيمينه، وإذا أنكر الموكل رد المال إليه والوكيل متطوع فالقول قول الوكيل بيمينه على الصحيح، وإن كان الوكيل يجعل فالأظهر ترك الأمر للقاضي لينظر في كل حال بعينها حسب قرائن الأحوال.
أن من أنكر المضاربة فالقول قوله، ومن أنكر كون المال المدفوع مضاربة وقد ربح المال فالقول قول رب المال في أن المال كان مضاربة مع يمينه على الصحيح، ما لم تدل القرينة على صدق قول العامل أن المال قرض، وإذا أنكر رب المال كون المال مضاربة وادعى أنه قرض وقد خسر المال فالقول قوله على الصحيح ما لم تدل القرينة على خلاف ذلك.
أن من أنكر العارية فالقول قوله، وإذا وقع الإنكار في صفة العقد بعد العقد مباشرة فالقول قول القابض مع يمينه، وإن كان الإنكار بعد مضي مدة لمثلها أجرة فالقول قول المالك على الأرجح مع يمينه، وإن كان الإنكار في صفة الإذن فالقول قول المستعير إذا أتى بما يشبه على الأرجح، وإذا أنكر المعير تلف العارية ضمنها المستعير على الأصح، وإذا أنكر المعير رد العارية فالقول قوله على الأرجح مع يمينه.
أن من أنكر الغصب قدم قوله على يمينه، وإذا كان الإنكار في قدر المغصوب فالقول قول الغاصب مع يمينه، وإن أنكر المالك وجود العيب في العين المغصوبة فالقول قول الغاصب مع يمينه، وإن أنكر المالك وجود العيب في العين المغصوبة والعيب مما يمكن حدوثه فالقول قول الغاصب على الأصح إن شهدت له الحال، وإلا فالقول قول المالك، وإن أنكر المالك تلف العين المغصوبة فالقول قوله على الأرجح، وإن وقع الإنكار في قيمة المغصوب بعد تلفه فالقول قول الغاصب مع يمينه، وفي رد العين المغصوبة يقدم قول المالك في عدم الرد مع يمينه.
أن الشفيع إذا أنكر العفو عن الشفعة فالقول قوله مع يمينه، وإذا أقر البائع بالبيع، وأنكر المشتري فليس للشفيع الأخذ بالشفعة على الأرجح، وإن أنكر أحد الشريكين أنه ابتاع نصيبه بل ورثه أو وهب له فالقول قوله مع يمينه، وإن كان الإنكار في ثمن الشقص أو في قيمة الثمن إن كان عرضاً فالقول قول المشتري مع يمينه ما لم يدع المشتري ثمناً يكذبه الحس.
أن من أنكر الوديعة فالقول قوله مع يمينه، وإذا أنكر المالك رد الوديعة فالقول قوله على الأصح مع يمينه، وإن أنكر المالك الإذن بدفع الوديعة إلى غير المودَع وقد تلفت أو ضاعت فالقول قول المالك على الأرجح مع يمينه، إلا أن تشهد القرينة على صدق قول المودع، وإذا أنكر المالك تلف الوديعة وذكر المودع سبباً خفياً لتلفها، وقد تلفت مع ماله فالقول قول المودَع، وإن ذكر سبباً ظاهراً للتلف فالقول قول المالك.
أن المالك إذا أنكر أصل اشتراط الجعل فالقول قوله مع يمينه، وإن كان الإنكار في قدر الجعل أو جنسه أو صفته فالقول على الأرجح قول الجاعل مع يمينه ما لم توجد قرينة فيعمل بها.
أن الموهوب له إذا أنكر شرط العوض فالقول قوله مع يمينه، إلا أن يؤيد الواهب عادة مطردة في اشتراط العوض فيقدم قوله.
أن من أنكر أصل النكاح فالقول قوله، وإن كان الإنكار في شرط من شروط النكاح كالإذن وكان الإنكار قبل الدخول فالقول قول المرأة، وإن كان بعد الدخول فالقول قول الزوج في الأظهر إلا أن تدل القرينة على عدم رضاها فيقدم قولها.
أن الزوجين إذا أنكر أحدهما وجود العيب فيه وكان العيب مما يخفى فالقول قوله مع يمينه، ويمكن في العصر الحاضر التثبت من وجود العيب عبر الوسائل الطبية الحديثة، وإن كان الإنكار في العلم بالعيب فالقول قول منكر العلم على الأرجح مع يمينه، وإن أنكرت زوجة العنين الوصول إليها في فترة التأجيل وكانت بكراً وبقيت بكارتها فالقول قولها.
أن الإنكار إذا كان في تسمية الصداق فالقول على الأصح قول من يشهد له العرف في التسمية وعدمها مع يمينه، وإن لم يكن هناك عرف يمكن الرجوع إليه فيتحالفان ثم يرجع إلى مهر المثل، وإن كان الإنكار في قدر الصداق أو عينه أو جنسه أو صفته فالقول قول من يدعي مهر المثل، وإن كان الإنكار فيما يستقر به الصداق كالدخول فالقول قول الزوج في عدم الدخول على الأرجح، ما لم تدل القرينة على صدق ما تدعيه الزوجة فيقدم قولها، وإذا أنكرت الزوجة قبض الصداق وكان ذلك قبل الدخول فالقول قولها بيمينها، وإن كان بعد الدخول فالقول قول الزوج إن وجد عرف مطرد بتقديم الصداق قبل الدخول فالقول قول الزوج إن وجد عرف مطرد بتقديم الصداق قبل الدخول وإلا فالقول قول الزوجة.
أن الزوجة إذا أنكرت مخالعة زوجها لها فالقول قولها في نفي العوض وبانت منه، وإن كان الزوج هو المنكر للخلع فالقول قوله مع يمينه ولا يستحق عليها عوضاً، وإن اتفق الزوجان على الخلع واختلفا في العوض قدراً أو جنساً أو صفة فالقول على الأظهر قول الزوجة.
أن الزوج إذا أنكر وقوع الطلاق فالقول قوله، وإن كان الإنكار في عدده فالقول قول الزوج، وإن أنكر الزوج جعله الخيار من في الطلاق بيد زوجته فالقول قوله، وكذا القول قوله إن أنكر اختيارها لنفسها في وقت الاختيار الذي جعله بيدها.
أن الزوجة إذا طلقها زوجها ثم أنكرت إصابته لها بعد الدخول وأنه لا يستحق الرجعة عليها فالقول قولها على الأرجح، وإذا أنكرت المرأة وهي في العدة مراجعة الزوج لها فالقول قول الزوج على الأصح، وإن كان إنكارها في وقت حكم بانقضاء عدتها فيه فالقول قولها، وإن كان الإنكار في وقت محتمل لهما، فإن سبقته بدعوى انقضاء عدتها قبل دعواه الرجعة فالقول قول المرأة في انقضاء عدتها قبل رجعته، وإن سبقها بدعوى الرجعة قبل دعواها انقضاء عدتها فالقول قول المرأة على الأرجح، وإن أنكر الزوج دعوى المرأة انقضاء عدتها فالقول قول المرأة على الأرجح، وإن أنكر الزوج دعوى المرأة انقضاء عدتها وكان ذلك في زمن يمكن انقضاء العدة فيه فالقول قولها، وإن كان ذلك في زمن لا يمكن انقضاء العدة فيه فالقول قول الزوج، وإذا أنكر الزوج الثاني دعوى المطلقة ثلاثاً أنه أصابها وقد حلت للأول فالقول قول المرأة إلا أن يكون المنكر معروفاً بالصدق والصلاح فيقدم قوله.
أن الزوج إذا أنكر أنه آلى من زوجته فالقول قوله، وإذا ثبت الإيلاء ثم أنكرت الزوجة الوطء في فترة التأجيل وكان الإنكار قبل انتهاء المدة فالقول قول الزوج، وإن كان الإنكار بعد انتهاء المدة فإن كانت الزوجة بكراً وبقيت كذلك فالقول قولها، وإن كانت ثيباً فالقول قول الزوج، وإن كان الإنكار في وقت اليمين فالقول قول الزوج.
أن الزوج إذا أنكر قذف زوجته فالقول قوله، وإذا أنكرت المرأة دعوى الزوج أنها زنت فله أن يلاعنها، وإن امتنع أحدهما من الملاعنة أقيم عليه الحد.
أن الزوجة إذا أنكرت دعوى الزوج أنه أخوها من الرضاعة فالقول قوله وينفسخ النكاح سواء كان قبل الدخول أم بعده، فإن كان لك قبل الدخول فلها نصف المهر، وإن كان بعد الدخول لها المهر كاملاً ما لم تطاوعه عالمة بالتحريم فلا شيء لها، وإن كانت دعوى الرضاع من الزوجة والزوج منكر فإن كان الزواج برضاها فلا يقبل قولها في فسخ النكاح سواء كان ذلك قبل الدخول أو بعده، وإن كان الزواج بغير رضاها فالقول قول الزوج على الصحيح.
أن الزوج إذا أنكر كونه موسراً، وعرف له مال فالقول قول المرأة في دعوى يساره، فتلزمه نفقة الموسرين، وإن لم يعرف له مال قبل ذلك فالقول قوله، وإذا أنكر الزوج حصول التمكين من المرأة الموجب للنفقة أو كان الإنكار في وقت حصول التمكين فالقول قوله مع يمينه، وإذا أنكرت المرأة دعوى نشوزها فالقول قولها على الأصح، وإن كان الإنكار في وصول النفقة إلى الزوجة فالقول قول الزوج على الأصح مع يمينه، ما لم يكن الزوج معروفاً بالشح والبخل، أو شهد جيرانها على حاجتها في المدة الماضية فيقدم قول المرأة.
أن مجهول النسب إذا كان صغيراً أو مجنوناً وأنكر دعوى مكلف بنسبه وهو يحتمل أن يولد لمثل المقر ولم ينازعه منازع ثبت نسبه منه، وإن كان المقر به كبيراً عاقلاً وأنكر دعوى النسب لم يثبت على الصحيح، وإذا أقر مكلف بنسب آخر أنه والده، وأنكر ذلك المقر له فلا يثبت نسبه إليه، وإذا ثبت النسب بإقرار شخص ثم أنكره بعد ذلك لم يقبل رجوعه ولا يحتمل النسب النقض بعد ثبوته.
أن من أنكر وقوع الجناية منه فالقول قوله مع يمينه، وإن كان الإنكار في العفو عن الجناية فالقول قول منكر العفو، وإن أنكر الجاني دعوى المجني عليه، وإن كان الإنكار في نقص منفعة من المنافع بسبب الجناية فالقول قول المجني عليه مع يمينه، وإذا أقر شخص بجناية مما يوجب الدية وأنكرته العاقلة فالدية من ماله دون العاقلة، ولا تثبت القسامة في دعوى القتل إلا إذا أنكر المدعى عليه. أن من أنكر الزنى فلا حد عليه وإن أقر الشريك في الوطء، وإذا أنكرت الزانية المتزوجة وطء زوجها لها فلا تكون محصنة على الصحيح فيقام عليها حد الجلد دون الرجم، ويستحب للقاضي الذي يثبت عنده الحد بالإقرار التعريض للمقر بالرجوع إذا تم الإقرار أو التعريض له بالتوقف عن الإقرار إذا لم يتم الإقرار ما لم يكن المقر معروفاً بالفساد وتكرار الجريمة، فالأولى عقوبته وتطهير المجتمع منه.
الثلاثاء يوليو 17, 2012 8:58 am من طرف شحاتة عطية
» لهيب الآحقاد .. موروثات الآحفاد
الأربعاء ديسمبر 24, 2008 1:06 am من طرف Admin
» كلمة الباحث العلمى / سيد جمعة
الأربعاء ديسمبر 24, 2008 12:56 am من طرف Admin
» الفارق بين الآيات الرحمانية والآيات الشيطانية ـ أطلاع قراءة
الأربعاء ديسمبر 24, 2008 12:39 am من طرف Admin
» كلمة الباحث العلمى / سيد جمعة
الأربعاء ديسمبر 24, 2008 12:31 am من طرف Admin
» تطبيقات نظرية ( التكامل الطبائعى ) ـ الإعجاز العلمى بين بلاء الإهانة وأبتلاء المهانة ـ أطلاع قراءة
الأحد نوفمبر 16, 2008 6:35 am من طرف Admin
» كلمة الحق هادرة وكلمة الباطل غابرة
الأحد نوفمبر 16, 2008 6:31 am من طرف Admin
» كلمة الموقع
الأحد نوفمبر 16, 2008 6:29 am من طرف Admin
» تطبيقات نظرية ( التكامل الطبائعى ) ـ بيان الآديان فى ميزان التبيان
الأحد نوفمبر 16, 2008 6:26 am من طرف Admin