تعريف أقسام الآمراض والمدخل فى الآعراض ( الظاهرة ) ـ ( المستترة )
ــ تعريف عالم الجن والآمراض الناتجة عنه 2
*********
ويقول ابن القيم في الطب النبوي : الطبيب الحاذق يراعي في علاجه عشرين أمرا منها :
قوة المريض وهل هي مقاومة للمرض ، أم أضعف منه ؟ فان كانت مقاومة للمرض ، مستظهرة عليه ، تركها والمرض ، ولم يحرك بالدواء ساكنا .
ومنها ألا يكون كل قصده إزالة تلك العلة فقط ، بل إزالتها على وجه يأمن معه حدوث علة أصعب منها ، فمتى كانت إزالتها لا يأمن معها حدوث علة اخرى أصعب منها ، ابقاها على حالها ، وتلطيفها هو الواجب.
ومنها أن ينظر في العلة ، هل هي مما يمكن علاجها أم لا ؟ فان لم يمكن علاجها ، حفظ صناعته وحرمته ، ولا يحمله الطمع على علاج لا يفيد شيئا ، وإن أمكن علاجها ، نظر هل يمكن زوالها أم لا ؟ فان علم أنه لا يمكن زوالها ، نظر هل يمكن تخفيفها وتقليلها أم لا ؟ فان لم يمكن تقليلها ، ورأى أن غاية الإمكان إيقافها وقطع زيادتها ، قصد بالعلاج ذلك
و ملاك أمر الطبيب أن يجعل علاجه وتدبيره دائرا على ستة أركان : حفظ الصحة الموجودة ، ورد الصحة المفقودة بحسب الإمكان ، وإزالة العلة أو تقليلها بحسب الإمكان ، واحتمال ادنى المفسدتين لإزالة أعظمهما ، وتفويت أدنى المصلحتين لتحصيل أعظمهما ، فعلى هذه الأصول الستة مدار العلاج. أ.هـ.
ولا يوجد فيما أعلم أن هناك قاعدة ثابتة في التعامل مع الجن ، حيث أن الجن لا يختلفون كثيراً عن الإنس من ناحية العقل والتميز والتكليف ، فمنهم الكبير ومنهم الصغير ، ومنهم العاقل ومنهم الغبي الأحمق ، ومنهم الذكر ومنهم الأنثى ، ومنهم لين القلب ومنهم الجبار العنيد ، ومنهم القوي ومنهم الضعيف ، ومنهم المسلم العاصي ومنهم الكافر والملحد ، ومنهم المعلن عن نفسه ومنهم المسر ، ومنهم من يحضر ويتكلم ويحاور ويجادل ومنهم من لا يقبل الحوار ولا النقاش بل منهم من لا يتكلم البتة ، ومنهم من يمْكِنَهُ الحضور ( حضوراً كاملا ) على جسد الممسوس ويشتم ويعارك ويسافر ويأكل ويشرب … الخ ، ومنهم من اقترن بسبب الحسد ومنهم من اقترن بسبب السحر ومنهم من اقترن بسبب العشق ، ومنهم من يتأثر من العزائم والرقى ومنهم لا يتأثر تأثرا بينا في البداية ، ومنهم من يتأثر بالأعشاب والأبخرة ومنهم من لا يتأثر منها كثيراً .
يقول شيخ الإسلام ابن تيميه فأحوالهم ( أي الجن ) شبيهة بأحوال الإنس ولكن الإنس أعقل وأصدق وأعدل وأوفى بالعهد ، والجن أجهل وأكذب وأظلم وأغدر .
وبما أن الجن لا يمكن رؤيتهم فيكون من الصعب الكشف عن شخصية الجان الصارع ، وحتى تتجلى للراقي هذه الشخصية فإنه يحتاج إلى عدة جلسات مع ملاحظة دقيقة لحركات وألفاظ الجان ، فإذا ما تجلت شخصية الجان للراقي سهل التعامل معه وذلك من خلال التعرف على نقاط ضعفه .
وعند التعامل مع الشياطين المتفلتة ينبغي على الراقي قبل أن يقدم على محاربة الشيطان المتحصن في جسد المريض أن يتعرف على حالة المريض النفسية والبدنية والدينية والأسرية والإجتماعية ومدى تحمله لتبعات القراءة والعلاج بالأعشاب والمداومة عليها.
فإن لم يكن بالمستطاع قهر الجان المتفلت وإخراجه صاغراً وكان بالإمكان مصانعته واستدراجه بالتي هي أحسن حتى يخرج من جسد المريض فذلك أولى من استثارته ، وليترك أمره وعقوبته لله فإن الله سبحانه وتعالى يقول :} ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار{ ، يقول الشاعر:
وقارب إذا لم تكن لك حيلة***وصمم إذا أيقنت أنك عاقره
أما ما يفعله بعض الرقاة في هذه الأيام من إبراز العضلات وتحدي الشياطين مع كل الحالات ، دونما مراعاة لما يترتب عليه هذا الفعل من آثار سيئة على بعض المرضى فإنه فعل خاطئ ينبغي التنبيه عليه ، فإن الشياطين لهم عقول ولهم إدراك وإحساس ، وهم أكثر عناداً من بني آدم ، ولهم ردود فعل عندما يستثارون ربما أودت بحياة المريض وما دون الموت من العذاب فهو أحرى ، وأنصح الراقي عند تعامله مع الشياطين المتفلته بأن يختم رقيته بآيات وأدعية تشعر الجان الصارع بأنك لا تتحداه ولا تهدده ، ولا تظهر له العجز أو تشعره بأنك تهابه ، يقول أحد الحكماء: أشعروا قلوبكم الجرأة فإنها سبب الظفر ، وأكثروا من ذكر الضغائن فإنها تبعث على الإقدام .
في بعض الحالات التي تحضر عليها الشياطين المتفلته أنصح الراقي بأن لا يتصل بالمريض ولا يتابع حالته بعد الرقية خصوصا إذا كانت فترة الجلسات متباعدة ، حتى لا يتفلت الشيطان على المريض ليغيظ الراقي .
وينبغي على المعالج أن يتعامل مع كل حالة مس على حسب حال المريض ونوع الجان وسبب التلبس ، فإن التحدي واستثارة الجني الصارع بآيات العذاب أو بالأعشاب والكهرباء وغيرها من أساليب التعذيب يعرض المريض إلى أخطار عظيمة، فإن الشيطان لن يتردد في الفتك أو التفلت والانتقام من المريض ، فمن المحتمل أن يؤذيه ببعض الأضرار التالية :
ïالسهر وعدم القدرة على النوم لأيام .
ïالتسلط عليه في منامه بالأحلام المزعجة .
ïالصداع الشديد .
ïالوسوسة الشديدة التي سرعان ما تتحول إلى صداع وضيق وحزن وكئابة .
ïالتسلط عليه بالآلام الموجعة أو بضيق النفس .
ïالوسوسة له بالانتحار ، أو التسبب في قتله .
ïمنع المريض من الأكل ( يجعله لا يشتهي الأكل ) .
ïيعري المريض من ثيابه أمام المحارم وغير المحارم .
ïمنع المريض من الذهاب إلى العمل أو المدرسة ومنعه من القيام بواجباته اليومية.
ïتعريض المريض للحوادث والمواقف المحرجة .
ïصرف المريض عن الرقية .
وهذا لا يعني أن يحبهم أو يركن لهم ويطيعهم في كل أمر ، بل يتعامل معهم على حسب الحال ، ويكون الراقي مع الشياطين بين الشدة واللين . يقول أبي الحسن الماوردي في كتابه أدب الدنيا والدين : وينبغي أن لا يكون بتأليف الأعداء لهم راكنا، وبهم واثقا ، بل يكون منهم على حذر ، ومن مكرهم على تحرز، فإن العداوة إذا استحكمت في الطباع صارت طبعا لا يستحيل ، وجبلة لا تزول ، وإنما يستكفي بالتأليف إظهارها ، ويستدفع به أضرارها . كالنار يستدفع بالماء إحراقها، ويستفاد به في إنضاجها ، وإن كانت محرقة بطبع لا يزول ، وجوهر لا يتغير . يقول الشاعر :
إذا عجزت عن العدو فــداره *** وامْزحْ لــــه إن المِزَاحَ وِفاقُ
فالنارُ بالماء الذي هو ضدها *** تُعْطِي النضاج وطبعها الإحراقُ
يقول رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: الْحَرْبُ خَدْعَةٌ . رواه الشيخان ، ويقول الله سبحانه وتعالى:} لاّ يَتّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ فِي شَيْءٍ إِلاّ أَن تَتّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذّرْكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَإِلَىَ اللّهِ الْمَصِيرُ{ [آل عمران:28] . يقول إبن كثير في تفسيره لهذه الآية : نهى تبارك وتعالى عباده المؤمنين أن يوالوا الكافرين وأن يتخذوهم أولياء يسرون إليهم بالمودة من دون المؤمنين ثم توعد على ذلك فقال تعالى: } وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ فِي شَيْء { أي ومن يرتكب نهي الله في هذا فقد برىء من الله كما قال تعالى : }يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتّخِذُواْ عَدُوّي وَعَدُوّكُمْ أَوْلِيَآءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدّةِ وَقَدْ كَفَرُواْ بِمَا جَآءَكُمْ مّنَ الْحَقّ يُخْرِجُونَ الرّسُولَ وَإِيّاكُمْ أَن تُؤْمِنُواْ بِاللّهِ رَبّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغَآءَ مَرْضَاتِي تُسِرّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدّةِ وَأَنَاْ أَعْلَمُ بِمَآ أَخْفَيْتُمْ وَمَآ أَعْلَنتُمْ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلّ سَوَآءَ السّبِيلِ{ وقال تعالى: }يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتّخِذُواْ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَن تَجْعَلُواْ للّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً مّبِيناً{ وقال تعالى :} يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنّصَارَىَ أَوْلِيَآءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلّهُمْ مّنكُمْ فَإِنّهُ مِنْهُمْ إِنّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظّالِمِينَ { . وقال سبحانه وتعالى بعد ذكر موالاة المؤمنين من المهاجرين والأنصار والأعراب: }وَالّذينَ كَفَرُواْ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ إِلاّ تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ{ وقوله تعالى:} إِلاّ أَن تَتّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً { أي من خاف في بعض البلدان والأوقات من شرهم فله أن يتقيهم بظاهره لا بباطنه ونيته كما ذكر البخاري عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ أنه قال إِنَّا لَنَكْشِرُ فِي وُجُوهِ أَقْوَامٍ وَإِنَّ قُلُوبَنَا لَتَلْعَنُهُمْ .
وقال الثوري: قال ابن عباس: ليس التَّقِيَّة بالعمل إنما التَّقِيَّة باللسان وكذا رواه العوفي عن ابن عباس إنما التقية باللسان وكذا قال أبو العالية وأبو الشعثاء والضحاك والربيع بن أنس ويؤيد ما قالوه قول الله تعالى: } مَن كَفَرَ بِاللّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنّ بِالإِيمَانِ وَلَكِن مّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مّنَ اللّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ{ وقال البخاري: قال الحسن التقية إلى يوم القيامة ، ثم قال تعالى:}وَيُحَذّرْكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ { أي يحذركم نقمته في مخالفته وسطوته وعذابه لمن والى أعداءه وعادى أولياءه. ثم قال تعالى: } وَإِلَىَ اللّهِ الْمَصِيرُ{ أي إليه المرجع والمنقلب ليجازي كل عامل بعمله أ.هـ.
تعذيـــب الجــــن وحرقــه
قد يحتاج الراقي الى رقية المريض بنية التعذيب والحرق في بعض الحالات ، ومن المعلوم بالتجربة أنه يوجد صنف الجن لا يتوقف عن تعذيب الممسوس إلا بعد رقية مطولة وبنية الحرق ، والجن والله أعلم على اختلاف أصنافهم ومراتبهم ودياناتهم يقترنون بالإنسان ولكن من خلال المتابعة لكثير من الحالات تبين أن غالبية الشياطين التي تقترن بالإنس من اليهود والذين أشركوا ، يقول الله سبحانه تعالى:} لَتَجِدَنّ أَشَدّ النّاسِ عَدَاوَةً لّلّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالّذِينَ أَشْرَكُواْ {[ المائدة:82] . والشيطان المقترن بالإنسان يتأثر كثيراً بما يلي:
1- عند الدعاء عليه .
2- قراءة الآيات التي تحاكي في مضمونها سبب دخوله في جسد المصاب ( سحر، حسد ، عشق ، ظلم ) .
3- قراءة الآيات التي تحاكي في مضمونها أثر فعله في المصاب . فلو كان الجني يؤثر على المصاب بالتفريق تقرأ عليه آيات التأليف ، إذا كان الجني يؤثر على المصاب بالضيق تقرأ عليه آيات الإنشراح .. الخ .
4- قراءة الآيات التي تمثل خِلقَته ( طائر ، كلب ، حية ) انظر باب تذكرة الإخوان.
5- قراءة الآيات التي تخاطب الشياطين والظالمين والمجرمين وما أعده الله لهم من عذاب النار والأغلال والسلاسل والزقوم .
6- رشه بالماء المقروء عليه الرقية وقت الرقية ، ويتأثر الشيطان من الماء وقت الرقية ولو لم يقرأ على الماء خصوصا إذا كان الماء بارداً ، وتأثره وقت الرقية أشد بسبب حضوره الكلي أو الجزئي .
7- أغلب الجن تتأثر عند التعيين في الدعاء ، فلو كان سحراً وحدد في الدعاء نوع السحر ومكان السحر وبلد الساحر لتأثر الجني ، ولو كان التلبس بسبب الحسد وعُين سبب الحسد في الدعاء لتأثر الجني .
8- قراءة الآيات التي تذكر ديانته ومعتقده .
ويمكن معرفة ديانة ومعتقد الجان المقترن من خلال المعطيات والأحلام والرقية ، فالذي به جن مسلم يقول لك إنني كثيراً ما استيقظ قبيل الفجر أو كثيراً ما اسمع الآذان او يقول لك اني كثيراً ما احلم انني اقرأ القرآن او يقول لك إنني أتعب عندما أسمع الغناء أو أتضايق عندما أكون مع إنسان به جن كافر ... الخ ، والذي به جن نصراني أو يهودي أو كافر تجده في نفور عن الطاعات ويحلم بالكنائس ويسمع اصوات النواقيس ويرى الصلبان والقساوسة ، أو يرى رجالاً على رؤسهم قبعات ولهم شعور طويله وظفائر تدله أنهم يهود ، وغالب من به جن كافر تراوده شكوك في عقيدته ووساوس في صلاته ، وينزعج عندما يسمع الآيات التي تخاطب الكفار من اليهود او النصارى ، جاء في سنن أبي داوود عن ابنِ عَبّاسٍ أنه قال: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقَالَ: يَا رَسُولَ الله إِنّ أَحَدَنَا يَجِدُ في نَفْسِهِ يُعَرّضُ بالشّيْءِ لأنْ يَكُونَ حُمَمَةَ أَحَبّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يَتَكَلّمَ بِهِ. فقَال: الله أَكْبَرُ الله أَكْبَرُ الله أَكْبَرُ الْحَمْدُ لله الّذِي رَدّ كَيْدَهُ إِلى الْوَسْوَسةِ. قالَ ابنُ قُدَامَةَ: رَدّ أَمْرَهُ مكَانَ رَدّ كَيْدَهُ.
قوة المريض وهل هي مقاومة للمرض ، أم أضعف منه ؟ فان كانت مقاومة للمرض ، مستظهرة عليه ، تركها والمرض ، ولم يحرك بالدواء ساكنا .
ومنها ألا يكون كل قصده إزالة تلك العلة فقط ، بل إزالتها على وجه يأمن معه حدوث علة أصعب منها ، فمتى كانت إزالتها لا يأمن معها حدوث علة اخرى أصعب منها ، ابقاها على حالها ، وتلطيفها هو الواجب.
ومنها أن ينظر في العلة ، هل هي مما يمكن علاجها أم لا ؟ فان لم يمكن علاجها ، حفظ صناعته وحرمته ، ولا يحمله الطمع على علاج لا يفيد شيئا ، وإن أمكن علاجها ، نظر هل يمكن زوالها أم لا ؟ فان علم أنه لا يمكن زوالها ، نظر هل يمكن تخفيفها وتقليلها أم لا ؟ فان لم يمكن تقليلها ، ورأى أن غاية الإمكان إيقافها وقطع زيادتها ، قصد بالعلاج ذلك
و ملاك أمر الطبيب أن يجعل علاجه وتدبيره دائرا على ستة أركان : حفظ الصحة الموجودة ، ورد الصحة المفقودة بحسب الإمكان ، وإزالة العلة أو تقليلها بحسب الإمكان ، واحتمال ادنى المفسدتين لإزالة أعظمهما ، وتفويت أدنى المصلحتين لتحصيل أعظمهما ، فعلى هذه الأصول الستة مدار العلاج. أ.هـ.
ولا يوجد فيما أعلم أن هناك قاعدة ثابتة في التعامل مع الجن ، حيث أن الجن لا يختلفون كثيراً عن الإنس من ناحية العقل والتميز والتكليف ، فمنهم الكبير ومنهم الصغير ، ومنهم العاقل ومنهم الغبي الأحمق ، ومنهم الذكر ومنهم الأنثى ، ومنهم لين القلب ومنهم الجبار العنيد ، ومنهم القوي ومنهم الضعيف ، ومنهم المسلم العاصي ومنهم الكافر والملحد ، ومنهم المعلن عن نفسه ومنهم المسر ، ومنهم من يحضر ويتكلم ويحاور ويجادل ومنهم من لا يقبل الحوار ولا النقاش بل منهم من لا يتكلم البتة ، ومنهم من يمْكِنَهُ الحضور ( حضوراً كاملا ) على جسد الممسوس ويشتم ويعارك ويسافر ويأكل ويشرب … الخ ، ومنهم من اقترن بسبب الحسد ومنهم من اقترن بسبب السحر ومنهم من اقترن بسبب العشق ، ومنهم من يتأثر من العزائم والرقى ومنهم لا يتأثر تأثرا بينا في البداية ، ومنهم من يتأثر بالأعشاب والأبخرة ومنهم من لا يتأثر منها كثيراً .
يقول شيخ الإسلام ابن تيميه فأحوالهم ( أي الجن ) شبيهة بأحوال الإنس ولكن الإنس أعقل وأصدق وأعدل وأوفى بالعهد ، والجن أجهل وأكذب وأظلم وأغدر .
وبما أن الجن لا يمكن رؤيتهم فيكون من الصعب الكشف عن شخصية الجان الصارع ، وحتى تتجلى للراقي هذه الشخصية فإنه يحتاج إلى عدة جلسات مع ملاحظة دقيقة لحركات وألفاظ الجان ، فإذا ما تجلت شخصية الجان للراقي سهل التعامل معه وذلك من خلال التعرف على نقاط ضعفه .
وعند التعامل مع الشياطين المتفلتة ينبغي على الراقي قبل أن يقدم على محاربة الشيطان المتحصن في جسد المريض أن يتعرف على حالة المريض النفسية والبدنية والدينية والأسرية والإجتماعية ومدى تحمله لتبعات القراءة والعلاج بالأعشاب والمداومة عليها.
فإن لم يكن بالمستطاع قهر الجان المتفلت وإخراجه صاغراً وكان بالإمكان مصانعته واستدراجه بالتي هي أحسن حتى يخرج من جسد المريض فذلك أولى من استثارته ، وليترك أمره وعقوبته لله فإن الله سبحانه وتعالى يقول :} ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار{ ، يقول الشاعر:
وقارب إذا لم تكن لك حيلة***وصمم إذا أيقنت أنك عاقره
أما ما يفعله بعض الرقاة في هذه الأيام من إبراز العضلات وتحدي الشياطين مع كل الحالات ، دونما مراعاة لما يترتب عليه هذا الفعل من آثار سيئة على بعض المرضى فإنه فعل خاطئ ينبغي التنبيه عليه ، فإن الشياطين لهم عقول ولهم إدراك وإحساس ، وهم أكثر عناداً من بني آدم ، ولهم ردود فعل عندما يستثارون ربما أودت بحياة المريض وما دون الموت من العذاب فهو أحرى ، وأنصح الراقي عند تعامله مع الشياطين المتفلته بأن يختم رقيته بآيات وأدعية تشعر الجان الصارع بأنك لا تتحداه ولا تهدده ، ولا تظهر له العجز أو تشعره بأنك تهابه ، يقول أحد الحكماء: أشعروا قلوبكم الجرأة فإنها سبب الظفر ، وأكثروا من ذكر الضغائن فإنها تبعث على الإقدام .
في بعض الحالات التي تحضر عليها الشياطين المتفلته أنصح الراقي بأن لا يتصل بالمريض ولا يتابع حالته بعد الرقية خصوصا إذا كانت فترة الجلسات متباعدة ، حتى لا يتفلت الشيطان على المريض ليغيظ الراقي .
وينبغي على المعالج أن يتعامل مع كل حالة مس على حسب حال المريض ونوع الجان وسبب التلبس ، فإن التحدي واستثارة الجني الصارع بآيات العذاب أو بالأعشاب والكهرباء وغيرها من أساليب التعذيب يعرض المريض إلى أخطار عظيمة، فإن الشيطان لن يتردد في الفتك أو التفلت والانتقام من المريض ، فمن المحتمل أن يؤذيه ببعض الأضرار التالية :
ïالسهر وعدم القدرة على النوم لأيام .
ïالتسلط عليه في منامه بالأحلام المزعجة .
ïالصداع الشديد .
ïالوسوسة الشديدة التي سرعان ما تتحول إلى صداع وضيق وحزن وكئابة .
ïالتسلط عليه بالآلام الموجعة أو بضيق النفس .
ïالوسوسة له بالانتحار ، أو التسبب في قتله .
ïمنع المريض من الأكل ( يجعله لا يشتهي الأكل ) .
ïيعري المريض من ثيابه أمام المحارم وغير المحارم .
ïمنع المريض من الذهاب إلى العمل أو المدرسة ومنعه من القيام بواجباته اليومية.
ïتعريض المريض للحوادث والمواقف المحرجة .
ïصرف المريض عن الرقية .
وهذا لا يعني أن يحبهم أو يركن لهم ويطيعهم في كل أمر ، بل يتعامل معهم على حسب الحال ، ويكون الراقي مع الشياطين بين الشدة واللين . يقول أبي الحسن الماوردي في كتابه أدب الدنيا والدين : وينبغي أن لا يكون بتأليف الأعداء لهم راكنا، وبهم واثقا ، بل يكون منهم على حذر ، ومن مكرهم على تحرز، فإن العداوة إذا استحكمت في الطباع صارت طبعا لا يستحيل ، وجبلة لا تزول ، وإنما يستكفي بالتأليف إظهارها ، ويستدفع به أضرارها . كالنار يستدفع بالماء إحراقها، ويستفاد به في إنضاجها ، وإن كانت محرقة بطبع لا يزول ، وجوهر لا يتغير . يقول الشاعر :
إذا عجزت عن العدو فــداره *** وامْزحْ لــــه إن المِزَاحَ وِفاقُ
فالنارُ بالماء الذي هو ضدها *** تُعْطِي النضاج وطبعها الإحراقُ
يقول رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: الْحَرْبُ خَدْعَةٌ . رواه الشيخان ، ويقول الله سبحانه وتعالى:} لاّ يَتّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ فِي شَيْءٍ إِلاّ أَن تَتّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذّرْكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَإِلَىَ اللّهِ الْمَصِيرُ{ [آل عمران:28] . يقول إبن كثير في تفسيره لهذه الآية : نهى تبارك وتعالى عباده المؤمنين أن يوالوا الكافرين وأن يتخذوهم أولياء يسرون إليهم بالمودة من دون المؤمنين ثم توعد على ذلك فقال تعالى: } وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ فِي شَيْء { أي ومن يرتكب نهي الله في هذا فقد برىء من الله كما قال تعالى : }يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتّخِذُواْ عَدُوّي وَعَدُوّكُمْ أَوْلِيَآءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدّةِ وَقَدْ كَفَرُواْ بِمَا جَآءَكُمْ مّنَ الْحَقّ يُخْرِجُونَ الرّسُولَ وَإِيّاكُمْ أَن تُؤْمِنُواْ بِاللّهِ رَبّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغَآءَ مَرْضَاتِي تُسِرّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدّةِ وَأَنَاْ أَعْلَمُ بِمَآ أَخْفَيْتُمْ وَمَآ أَعْلَنتُمْ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلّ سَوَآءَ السّبِيلِ{ وقال تعالى: }يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتّخِذُواْ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَن تَجْعَلُواْ للّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً مّبِيناً{ وقال تعالى :} يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنّصَارَىَ أَوْلِيَآءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلّهُمْ مّنكُمْ فَإِنّهُ مِنْهُمْ إِنّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظّالِمِينَ { . وقال سبحانه وتعالى بعد ذكر موالاة المؤمنين من المهاجرين والأنصار والأعراب: }وَالّذينَ كَفَرُواْ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ إِلاّ تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ{ وقوله تعالى:} إِلاّ أَن تَتّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً { أي من خاف في بعض البلدان والأوقات من شرهم فله أن يتقيهم بظاهره لا بباطنه ونيته كما ذكر البخاري عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ أنه قال إِنَّا لَنَكْشِرُ فِي وُجُوهِ أَقْوَامٍ وَإِنَّ قُلُوبَنَا لَتَلْعَنُهُمْ .
وقال الثوري: قال ابن عباس: ليس التَّقِيَّة بالعمل إنما التَّقِيَّة باللسان وكذا رواه العوفي عن ابن عباس إنما التقية باللسان وكذا قال أبو العالية وأبو الشعثاء والضحاك والربيع بن أنس ويؤيد ما قالوه قول الله تعالى: } مَن كَفَرَ بِاللّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنّ بِالإِيمَانِ وَلَكِن مّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مّنَ اللّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ{ وقال البخاري: قال الحسن التقية إلى يوم القيامة ، ثم قال تعالى:}وَيُحَذّرْكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ { أي يحذركم نقمته في مخالفته وسطوته وعذابه لمن والى أعداءه وعادى أولياءه. ثم قال تعالى: } وَإِلَىَ اللّهِ الْمَصِيرُ{ أي إليه المرجع والمنقلب ليجازي كل عامل بعمله أ.هـ.
تعذيـــب الجــــن وحرقــه
قد يحتاج الراقي الى رقية المريض بنية التعذيب والحرق في بعض الحالات ، ومن المعلوم بالتجربة أنه يوجد صنف الجن لا يتوقف عن تعذيب الممسوس إلا بعد رقية مطولة وبنية الحرق ، والجن والله أعلم على اختلاف أصنافهم ومراتبهم ودياناتهم يقترنون بالإنسان ولكن من خلال المتابعة لكثير من الحالات تبين أن غالبية الشياطين التي تقترن بالإنس من اليهود والذين أشركوا ، يقول الله سبحانه تعالى:} لَتَجِدَنّ أَشَدّ النّاسِ عَدَاوَةً لّلّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالّذِينَ أَشْرَكُواْ {[ المائدة:82] . والشيطان المقترن بالإنسان يتأثر كثيراً بما يلي:
1- عند الدعاء عليه .
2- قراءة الآيات التي تحاكي في مضمونها سبب دخوله في جسد المصاب ( سحر، حسد ، عشق ، ظلم ) .
3- قراءة الآيات التي تحاكي في مضمونها أثر فعله في المصاب . فلو كان الجني يؤثر على المصاب بالتفريق تقرأ عليه آيات التأليف ، إذا كان الجني يؤثر على المصاب بالضيق تقرأ عليه آيات الإنشراح .. الخ .
4- قراءة الآيات التي تمثل خِلقَته ( طائر ، كلب ، حية ) انظر باب تذكرة الإخوان.
5- قراءة الآيات التي تخاطب الشياطين والظالمين والمجرمين وما أعده الله لهم من عذاب النار والأغلال والسلاسل والزقوم .
6- رشه بالماء المقروء عليه الرقية وقت الرقية ، ويتأثر الشيطان من الماء وقت الرقية ولو لم يقرأ على الماء خصوصا إذا كان الماء بارداً ، وتأثره وقت الرقية أشد بسبب حضوره الكلي أو الجزئي .
7- أغلب الجن تتأثر عند التعيين في الدعاء ، فلو كان سحراً وحدد في الدعاء نوع السحر ومكان السحر وبلد الساحر لتأثر الجني ، ولو كان التلبس بسبب الحسد وعُين سبب الحسد في الدعاء لتأثر الجني .
8- قراءة الآيات التي تذكر ديانته ومعتقده .
ويمكن معرفة ديانة ومعتقد الجان المقترن من خلال المعطيات والأحلام والرقية ، فالذي به جن مسلم يقول لك إنني كثيراً ما استيقظ قبيل الفجر أو كثيراً ما اسمع الآذان او يقول لك اني كثيراً ما احلم انني اقرأ القرآن او يقول لك إنني أتعب عندما أسمع الغناء أو أتضايق عندما أكون مع إنسان به جن كافر ... الخ ، والذي به جن نصراني أو يهودي أو كافر تجده في نفور عن الطاعات ويحلم بالكنائس ويسمع اصوات النواقيس ويرى الصلبان والقساوسة ، أو يرى رجالاً على رؤسهم قبعات ولهم شعور طويله وظفائر تدله أنهم يهود ، وغالب من به جن كافر تراوده شكوك في عقيدته ووساوس في صلاته ، وينزعج عندما يسمع الآيات التي تخاطب الكفار من اليهود او النصارى ، جاء في سنن أبي داوود عن ابنِ عَبّاسٍ أنه قال: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقَالَ: يَا رَسُولَ الله إِنّ أَحَدَنَا يَجِدُ في نَفْسِهِ يُعَرّضُ بالشّيْءِ لأنْ يَكُونَ حُمَمَةَ أَحَبّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يَتَكَلّمَ بِهِ. فقَال: الله أَكْبَرُ الله أَكْبَرُ الله أَكْبَرُ الْحَمْدُ لله الّذِي رَدّ كَيْدَهُ إِلى الْوَسْوَسةِ. قالَ ابنُ قُدَامَةَ: رَدّ أَمْرَهُ مكَانَ رَدّ كَيْدَهُ.
الثلاثاء يوليو 17, 2012 8:58 am من طرف شحاتة عطية
» لهيب الآحقاد .. موروثات الآحفاد
الأربعاء ديسمبر 24, 2008 1:06 am من طرف Admin
» كلمة الباحث العلمى / سيد جمعة
الأربعاء ديسمبر 24, 2008 12:56 am من طرف Admin
» الفارق بين الآيات الرحمانية والآيات الشيطانية ـ أطلاع قراءة
الأربعاء ديسمبر 24, 2008 12:39 am من طرف Admin
» كلمة الباحث العلمى / سيد جمعة
الأربعاء ديسمبر 24, 2008 12:31 am من طرف Admin
» تطبيقات نظرية ( التكامل الطبائعى ) ـ الإعجاز العلمى بين بلاء الإهانة وأبتلاء المهانة ـ أطلاع قراءة
الأحد نوفمبر 16, 2008 6:35 am من طرف Admin
» كلمة الحق هادرة وكلمة الباطل غابرة
الأحد نوفمبر 16, 2008 6:31 am من طرف Admin
» كلمة الموقع
الأحد نوفمبر 16, 2008 6:29 am من طرف Admin
» تطبيقات نظرية ( التكامل الطبائعى ) ـ بيان الآديان فى ميزان التبيان
الأحد نوفمبر 16, 2008 6:26 am من طرف Admin